improve alexa rank 20 دقيقة في حضرة «سوار الذهب» -->
ومن الحب ما قتل ومن الحب ما قتل

recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

20 دقيقة في حضرة «سوار الذهب»

 قادتنى «الصدفة» إلى حضرته، جاء من بلاده القريبة من مصر فى المسافة والمكانة والحضارة والمحبة، ليشارك فى أحد المؤتمرات الدينية بالقاهرة، اقتربت منه أترقب الحصول على فرصة للحديث معه، توقف «الرجل الشامخ» عن الكلام لأكثر من 10 سنوات، يرفض بشدة إجراء أى حوارات صحفية، وكأنه قال «كلمته الأخيرة» قبل هذه السنوات العشر، وقرر بعدها الصمت.

ضُجّت قاعة المؤتمر بالحضور، عشرات العلماء والمفكرين جاءوا من مختلف دول العالم العربى والإسلامى، ليبحثوا سبل النهوض بالأمة، يقف بينهم بعظمته، وكبريائه، وبشرته السمراء التى تشبه طمى النيل شريان حياة بلادى وبلاده، فى مشهد لم يتكرر فى حياتى، فمن منا قد يقوده القدر إلى «حضرة» المشير عبدالرحمن سوار الذهب، الرئيس الأسبق لدولة السودان الشقيقة.. فمثله يأتى مرة واحدة.

الجنرال المشير عبد الرحمن سوار الذهب

عاش «سوار الذهب» حياته كلها يسعى لإحلال السلام بين العديد من الدول والقبائل من خلال عضويته فى مجلس القمة للسلام، الذى يضمُّ كثيراً من رؤساء ووزراء سابقين، وشخصيات عالمية بارزة.

وهو أحد أبرز المفكرين الذين أسهموا فى معالجة القضايا الإسلامية، شارك فى العديد من المؤتمرات والندوات حول العالم، وقدم خلالها الكثير من الأبحاث العلمية لمعالجة قضايا العمل التطوعى والدعوة الإسلامية فى أفريقيا. ترأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية فى السودان، التى شيدت مدارس ومساجد ومستشفيات ومراكز طفولة وملاجئ أيتام.

فى صباح الثلاثاء 10 فبراير عام 2004، أعلنت المملكة العربية السعودية فوز الجنرال «سوار الذهب» بجائزة الملك فيصل لخدماته الجليلة للدين الإسلامى، وباعتباره كرس حياته فى خدمة المجتمعات الإسلامية حول العالم.. وقالت وسائل الإعلام السعودية وقتها إنه جرى منحه الجائزة «لما قدمه من أعمال مجيدة تفتخر بها الأمتان الإسلامية والعربية».. ولكن خبر فوزه بالجائزة لم يكن قد وصل إليه بعد.

صورة من الحوار مع المشير عبد الرحمن سوار الذهب

لم يخفق قلبى وتتسارع دقاته مثلما فعل فى تلك اللحظات الطويلة التى تابعت فيها خروج المشير «سوار الذهب» من قاعة المؤتمر، إلى صالة الاستقبال فى الفندق، نظرات عينيه الثاقبة، خطوات قدميه الثابتة، صرامته العسكرية.

تقدمت نحوه بثبات، وعزيمة، حبست أنفاسى، حتى لا يسمع صوت دقات قلبى «رهبة واحتراماً» لشموخه، همست فى أذنه: «لدىّ خبر سار لك، ولى طلب بسيط»، وبكبرياء رجل عظيم، حرك رأسه قليلاً ناحيتى، وابتسم، ثم سألنى: «ما الخبر السار؟»، فأخبرته بأن المملكة العربية السعودية أعلنت فوزه بجائزة الملك فيصل فى فرع خدمة الإسلام منذ دقائق.

ظهرت السعادة على وجه الجنرال «سوار الذهب»، وكأنه «رجل» عاش يزرع «الخير» طوال حياته، فحصده أضعافاً فى النهاية، ثم عاد ليسألنى: «وما طلبك؟»، فأجبته: إجراء حوار صحفى معك بهذه المناسبة، فأجاب: «أوافق.. على أن تكون مدته 20 دقيقة فقط».

جلست إلى الجنرال «سوار الذهب» أحاوره، أستمع إليه بإنصات وإعجاب شديدين، هذا الرجل يشبهنى، نتقاسم معًا الأرض والنيل وبعض الملامح والطباع، أنظر إلى وجهه، فأجده يجمع كل الصفات التى يتفرّد بها أهلنا فى السودان بطيبتهم، وصفائهم، ونقائهم، ورجولتهم.. إحسانهم، ونخوتهم، وعطفهم، وحنانهم، أمانتهم، وشهامتهم، وحسن خُلقهم، وتواضعهم.

تحدث الرجل عن فرحته وسعادته لحصوله على جائزة الملك فيصل، معتبراً إياها «وساماً» جديداً على صدره، وتطرق حديثنا لدور السعودية الكبير فى خدمة الإسلام والمسلمين حول العالم، تحدث عن مصر بكل «ود ومحبة»، ومكانتها الكبيرة فى قلبه.. وبعد مرور 20 دقيقة بالتمام والكمال.. نظر الرجل فى ساعة يده، وهمَّ واقفاً، وقال بكل حسم وصرامة: «انتهى الوقت.. هذا يكفى»، وانصرف.. أما أنا فتبسّمت وقلت بصوت لم يسمعه غيرى: ولا تكفى 20 عاماً كاملة.. فحتى لو ساعدتنى الـ«20 دقيقة» على كتابة تلك السطور السابقة عنه.. فهى غير كافية أبداً، فى حضرة قائد وطنى ومفكر عظيم مثله.. السلام والتحية لروحه الطاهرة.



عن الكاتب
فاروق الدسوقي صحفي



إتصل بنا

الساعة الآن

ModyTech

جميع الحقوق محفوظة لـ

ومن الحب ما قتل

2019