improve alexa rank من «بارليف» لـ«العلمين».. مصر تقهر «الأساطير» -->
ومن الحب ما قتل ومن الحب ما قتل

recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

من «بارليف» لـ«العلمين».. مصر تقهر «الأساطير»

كانت الساعة تقترب من الحادية عشر مساء الإثنين 21 أغسطس عام 2006، عندما فاجئني صديقي العزيز محمد الهواري، بسؤال عبر رسالة نصية على هاتفي المحمول: «قريت قصتي عن الألغام النهاردة؟».. وفي مساء اليوم التالي جمعنا لقاء على إحدى مقاهي وسط البلد، ليكرر سؤاله للمرة الثانية، ويدور بيننا نقاش طويل حول قصته الصحفية حول علماء مصريين ابتكروا طريقة لنزع الألغام باستخدام نباتات مهندسة وراثياً، ومدى قدرة تلك النباتات على تحديد أماكن الألغام، واختراق هيكلها المعدني والبلاستيكي، إضافة إلى اكتشاف نوع من البكتيريا يساعد على إبطال مفعول المادة المتفجرة TNT.


تفاؤل «الهواري» وابتسامته خلال حديثه عن اقتراب حل مشكلة الألغام المزروعة في أراضي تمثل 22% من إجمالي مساحة مصر، كان "أمرا غريبا" بالنسبة لي، فمن أين أتى بهذا التفاؤل الذي ظهر على ملامح وجهه؟، خاصة أن مصر تتصدر المرتبة الأولى في قائمة الدول المتضررة من الألغام الأرضية، ويقدر الخبراء عددها بما يزيد 20 مليون لغم، وتصل تكلفة نزع اللغم الواحد لـ 2000 دولار أمريكي وقتها، فهل نقضي عليها بـ«شوية نباتات»!.. كان حديث «الهواري» أشبه بحلم، سوف نستيقظ منه على «حقيقة مرة» وصعبة، وهي أن معاناة مصر من الألغام، مستمرة منذ الحرب العالمية الثانية، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

 ورغم أن هؤلاء العلماء ابتكروا مشروعهم بهدف تطهير نحو مليوني فدان في الساحل الشمالي من الألغام ومخلفاتها، واستصلاح هذه الأراضي، تمهيدا لاستثمارها اقتصاديا وسياحيا، وأنهم كانوا يعملون على استخدام نبات يسمى «الأرابيد وبسيز»، وهو نبات يتحول لونه من الأخضر إلى القرمزي في حالة ملامسته الألغام، وتزويد نباتات أخرى بنوع من البكتيريا يساعد على تحلل الجسم الخارجي للغم، وإبطال المادة المتفجرة، وكانت نتائج مشروعهم مبنية على تجارب وأبحاث علمية، إلا أنني رفضت الفكرة تماما، وأكدت استحالتها، ووصل الأمر لتأكيدي أن الدولة نفسها غير قادرة على نزع الألغام من أراضيها، لعدة أسباب بدت لي منطقية، منها ارتفاع التكلفة، وتنوع أنواع الألغام، وكثرة عددها، وانتشارها في مساحات كبيرة من الأراضي المصرية.

وانتهى حديثنا إلى إصرار «الهواري» على الاستمرار في نشر قصصه عن «ملف الألغام» حتى تجد طريقها إلى الحل، بينما اعترضت على إصراره الغريب الذي وصفته في حينها بأنه حلم لا يمكن أن يتحقق، وقلت له: «القصة دي مستحيل تتحل».

الآن فقط، وبعد مرور كل هذه السنوات على حديثنا، أشاهد وأتابع جهود الدولة في إزالة الألغام في الكثير من الأراضي المصرية، وعلى رأسها مدينة العلمين الجديدة، التي تحولت من أرض مزروعة بالألغام إلى وجهة عصرية عالمية، تمثل باكورة الجيل الرابع من المدن الجديدة في مصر، وتعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وتغير من خريطة الساحل الشمالي بأكمله، ليكون وجهة للسائحين طوال العام.

أشاهد وأتابع «مهرجان العلمين»، وأبراج المدينة الشاهقة، وحداتها السكنية، فنادقها العالمية، جامعتها الأهلية، ومشروعاتها الاستثمارية، والتنموية، ومناطقها التجارية والترفيهية، وغيرها من «معجزات» حققتها مصر على تلك الأرض الغالية، التي طالما اشتهرت بـ«لافتات» مكتوب عليها: «خطر.. منطقة ألغام».. فأتذكر تفاؤل «الهواري» وابتسامته، وأدرك أنني كنت مخطئا، وأن مصر قادرة على «قهر الأساطير»، فكما فعلتها في 6 أكتوبر 1973، مع أسطورة «خط بارليف»، تلك الصخرة التي ستتحطم عليها عظام المصريين، وسيكون مقبرة الجيش المصري، كما روج له «موشيه ديان» وزير الدفاع الإسرائيلي عن قوة خط بارليف المزعوم قبل حرب أكتوبر.. فسقط في ساعات معدودة، وحققت مصر انتصارا عظيما، وصفه العالم بالمعجزة، بفكرة بسيطة، وإرادة قوية.. ومنذ ذلك الحين ما زالت مصر تحقق المعجزات والانتصارات فوق أرضها.

 

عن الكاتب
فاروق الدسوقي صحفي



إتصل بنا

الساعة الآن

ModyTech

جميع الحقوق محفوظة لـ

ومن الحب ما قتل

2019