improve alexa rank أليس منكم «سوار ذهب» جديد؟! -->
ومن الحب ما قتل ومن الحب ما قتل

recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أليس منكم «سوار ذهب» جديد؟!

 هل كان المفكر الإسلامي الراحل، الجنرال «عبدالرحمن سوار الذهب» الرئيس السوداني الأسبق، يتنبأ بالمستقبل، يعرف القادم، ويطّلع على أسرار الغد؟ وهل كانت خلفيته العسكرية سبباً في صدق توقعاته؟

عشرون عاماً مرت على لقائنا «الأول والأخير» داخل أحد فنادق القاهرة، حين جلست أحاوره، في فبراير 2004، عن الأوضاع في مختلف الديار العربية والإسلامية، خاصة السودان الشقيق، وإحياء النزاعات بين شماله وجنوبه، فحذّر الرجل الذى أفنى حياته في خدمة الوطن، بشكل عام، من شتات العرب والمسلمين في مختلف البلدان، كأنه يعرف أن شعوباً عربية كثيرة سوف تهاجر من أوطانها، بسبب النزاعات والصراعات فيها.

(1) تحذير قديم

وتطرّق الرجل بشكل خاص إلى الأوضاع في السودان الشقيق، والنزاع القائم حينها بين الشمال والجنوب، ووصفه بـ«القضية المعقدة» التى تحتاج جهوداً ضخمة، قائلاً: إن انفصال الجنوبيين «أمر خطير» يدعو الجميع إلى مساعدة السودان حتى يحتفظ بهذا الجزء الأصيل داخل حدوده، لأنه يشكل ثلث مساحة البلاد وأغنى جزء فيه، لذلك ينبغي أن يبقى هذا الجزء الغالي داخل السودان، وأن هذا لن يتحقق إلا إذا كان هناك دعم وتنمية واسعة فيه تُقنع الجنوبيين بأن يصوّتوا لوحدة السودان، وليس لدولة مستقلة.

وأكد «سوار الذهب» أن السودان «مستهدف»، وأن الحفاظ على وحدته مسئولية الأمة العربية والإسلامية كلها، وأن الأمة عليها أن تُقنع الجنوب بعدم الانفصال، وإبقاء السودان دولة موحدة، فإذا وقع الانفصال سيكون بداية تمزيق وتقسيم وطننا إلى دويلات صغيرة.

(2) خلفية عسكرية

للجنرال «سوار الذهب» مسيرة عسكرية وسياسية حافلة، فقد تخرّج الرجل في الكلية الحربية بالعاصمة الخرطوم ضابطاً قبل عام من استقلال السودان عام 1956، قبل أن يتلقى علوماً عسكرية عليا في بريطانيا والولايات المتحدة ومصر والأردن، وتدرّج في السلك العسكرى حتى أصبح رئيساً لهيئة أركان القوات المسلحة ووزيراً للدفاع، وضرب أروع الأمثلة في الإخلاص والتفاني خلال انتفاضة أبريل عام 1985، بعدما تسلَّم مقاليد الحكم، للرسوّ بسفينة الوطن على بر الأمان، متعهداً بتسليم السلطة لحكومة منتخبة خلال عام واحد، وفي الموعد المحدد سلّم السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة، وبعدها اعتزل العمل السياسي، وترأس منظمة دعوية.

وظل «سوار الذهب» طوال حياته يحذر من المخاطر المحيطة ببلاده، داعياً أهلنا في السودان إلى التمسك بوحدة وطنهم، متمنياً أن تزول الحدود حتى بين مصر والسودان، وأن نصبح دولة واحدة، خاصة أن التكامل الاقتصادى والزراعى بين الدولتين ضرورة لا مفر منها.

(3) السودان الآن

ما يشهده السودان الآن من صراعات ونزاعات وقتال بين الجيش السوداني، وميليشيا «الدعم السريع»، والأحداث المضطربة داخل البلاد، التى شردت الآلاف من أبناء الشعب، وقُتل فيها ما يقرب من ٩ آلاف مواطن.. رائحة الموت تنبعث من الشوارع، عشرات القصص والحكايات المأساوية لضحايا واجهوا الموت منذ بدء الحرب، وسط توقعات للبنك الدولي بانكماش الاقتصاد 12٪، ونزوح ولجوء 5 ملايين إنسان داخل البلاد وخارجها.. كلها أحداث تؤكد صدق مخاوف وتحذيرات الجنرال «سوار الذهب» التى توقعها خلال حياته.

(4) فراغ كبير

في يوم 18 أكتوبر عام 2018، تُوفي «سوار الذهب» الذى عاش يناضل من أجل نُصرة القضايا الإنسانية والإسلامية، ودُفن في المملكة العربية السعودية، تاركاً خلفه «فراغاً كبيراً» لم يملأه غيره، فقد كان زعيماً وطنياً عظيماً أحب بلاد العرب والمسلمين، وأخلص في خدمتها، فأحبه الجميع، واحترمه العالم.. رحل الجنرال العظيم، ولسان حالي يطرح سؤالاً مهماً على أهلنا في السودان: متى تستحضرون روح رجل مثله، قدّم مصلحة وطنه على كل شىء.. أليس منكم «سوار ذهب» جديد؟!

عن الكاتب
فاروق الدسوقي صحفي



إتصل بنا

الساعة الآن

ModyTech

جميع الحقوق محفوظة لـ

ومن الحب ما قتل

2019