improve alexa rank «أنت مدمن!».. حكاية مرض تعرفه «نانسي» -->
ومن الحب ما قتل ومن الحب ما قتل

recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

«أنت مدمن!».. حكاية مرض تعرفه «نانسي»



قال لي طبيبي بكل حسم: «أنت مدمن»!.
لم أكن أعرف ـ وقتها ـ طبيعة مرضي الذي تمكن من عقلي وجسدي «معا»، أخبرته أنني توقفت عن تناول الكحوليات منذ زمن بعيد، وأنني ابتعدت تماما عن تناول أي مواد مخدرة قبل زواجي بعام، أي قبل 10 سنوات.

ابتسم الطبيب، وقال: «صديقي العزيز».. أنت لست مدمنا للمخدرات، أنت «مدمن للحب»، تتعلق بمن تحب وبالأماكن والشوارع والطرقات والذكريات التي قضيتها مع إحداهن!.
سألته: وهل هذا «مرض خطير»؟ وهل له علاج؟ وما علاقته بكل هذا الألم الذي أشعر به في جسدي؟ وما علاقته بتلك الأفكار الانتحاريـة التي تراودني بين الحين والآخر؟
جاءت إجابة الطبيب مختصرة: هو نوع من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، لست المدمن الوحيد الذي جاء إلى عيادتي للعلاج، اطمئن، فلكل داء دواء.. لكن عليك الالتزام بـ العلاج وبعض التمارين التي سأوصفها لك.
وأضاف: قريبا ستكون بخير، سأتركك الآن مع تلميذتي الدكتورة نانسي لاستكمال الجلسة، وانصرف.
وكان حديثا طويلا قد دار بيننا، امتد لأكثر من ساعة، سألني خلالها الكثير من الأسئلة.
نظرت إلى نانسي، وسألتها بتعجب: «أنا مدمن»؟، ابتسمت كعادتها، وقالت: «أنا اضطريت أنده الدكتور محمد، لطرح بعض الأسئلة لا أستطيع طرحها عليك.
عدت لأسالها: وما الحل؟
قالت بثقة: خطوات العلاج تبدأ باعتراف ومعرفة المريض لطبيعة مرضه؟ فنحن الأطباء النفسيون نعتبر هذا نصف طريق العلاج.. وأنت قطعته بالفعل.
وأضافت: ثاني خطوات العلاج أن يعلم الـ مريض أن كل ما يدور في رأسه من أفكار سلبية سببها هذا المرض، المشكلة الأساسية أن بعض مرضى الاكتئاب أو غيره من الأمراض النفسية التي تصيب ملايين البشر، وتؤدي بهم في النهاية إلى الفكر الانتحاري، لا يعترفون بأنهم مصابين بتلك الأمراض، ويعتقدون أن تلك الأفكار السلبية التي تهاجم البعض من داخل رؤوسهم نفسها، فإذا عرفت يا صديقي أن تلك الأفكار ليست من رأسك ستهاجمها قبل أن تهاجمك، أو على الأقل ستدرك أن سببا ما خارج عن إرادتك يدفعك إلى التفكير السلبي الذي يدفعك إلى الاكتئاب. 
وهنا قاطعت نانسي قائلا: «في المرات القادمة عندما تهاجمني تلك الأفكار سأضحك»!.
ابتسمت وقالت: «طبعا»، لأنك خلاص اكتشفت إن السبب من خارج رأسك، وأن كل ما تحتاج إليه أن تتعلم كيف تقاوم وتستبدل تلك الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، وأن تعيد ترتيب أفكارك، وهذا لن يحدث إلا بالالتزام ببعض تمارين التنفس التي سأوصفها لك ونؤديها معا خلال الجلسات.
عدت لأسألها: وما سبب هذا المرض؟ وهل له علاقة بالقرب أو البعد عن الله والعبادات كما يظن البعض؟
نظرت إلى بكل ثقة، وتسائلت: في نظرك من هو أقذر شخص عرفته في حياتك؟
وبدون تفكير أجبت: أعرف «فلان» شخص حقير، لا يعرف الله، لا تمر دقيقة إلا ويرتكب جرائم وآثام.
فسألتني: وهل أصابه الاكتئاب أو أي مرض نفسي آخر؟
قلت لها: لا، بالعكس.
فقالت: إذن الأمر ليس له علاقة بالدين أو القرب والبعد عن الله، الحكاية كلها تتعلق بـ«هرمون» تقل نسبته داخل رأس الإنسان، وما تفعله الأدوية هو العمل على زيادة نسبة هذا الهرمون مرة أخرى.
عدت لأسألها: وما علاقة المرض بكل هذه الالآم التي أشعر بها في جسدي؟
قالت نانسي: تخيل معي أننا نفخ «بالونة» بالهواء، واستمرينا في النفخ، ماذا سيحدث؟
قلت: تنفجر!
فقالت: هذا ما يحدث لجسمك، فعقلك هو «البالونة».. والأفكار السلبية هي «الهواء»، وعندما امتلأ عقلك منها، بدأ يرسل إشارات عصبية لكل أعضاء جسدك، ليحذرك قبل أن ينفجر، والآن علينا أن نستفيد من هذا التحذير.. وإليك تلك النصائح:
أولا: لا تلوم نفسك أو تجلد ذاتك، ما حدث حدث شئت أم أبيت!، فلا داع للتفكير في الماضي أو الخوف من المستقبل.
ثانيا: اكتب دائما كل ما يدور في رأسك.
ثالثا: عندما تهاجمك فكرة سلبية، مارس تمرين «العد» من 1 إلى أي رقم تصل له.
رابعا: إذا تمكنت منك فكرة وسيطرت على رأسك، قم بـ«قتلها» بالوقوف لمدة نصف ساعة أسفل مياه «الدش» الباردة.
انتهت جلسة اليوم.. وأراك قريبا في المقال المقبل.
















عن الكاتب
فاروق الدسوقي صحفي


ModyTech

جميع الحقوق محفوظة لـ

ومن الحب ما قتل

2019