فاروق الدسوقي يكتب: وحش فرانكنشتاين يعيش بيننا
قد تندهش عند قراءة عنوان هذا المقال، وتعتبره مبالغة وتهويل، لكن الحقيقة التي أؤمن بها أن الوحش الذي تخيلته الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي قبل أكثر من قرنين في روايتها فرانكنشتاين، لم يبق أسير القصة، لأننا نلتقيه في حياتنا بشكل يومي، لا بوجهه المرعب أو جسده المرقع من الجثث، إنما بأجساد ووجوه أخرى أشد خطورة . عندما فتحت العمل الأدبي، لم أقرأ عن حكاية شاب طموح يتلاعب بالعلم ليخلق مسخا من أشلاء الموتى فحسب، لكن وجدت أثرا لطفولة جرحت ولم تشف، وإنسانا حمل في باطنه حزنا قديما ظل ينمو في الخفاء حتى صار شخصا مفترسا . فقبل أن يكون فيكتور فرانكنشتاين، بطل الحدوتة، عالما كبيرا، كان طفلا رحلت أمه، قلب البيت وروحه، فجأة، فانهار شيء عميق داخله، أمرا لم يتمكن العلم ولا الزمن من إصلاحه . ومنذ تلك اللحظة تشكل لديه تساؤل لم يفارقه: لماذا وقف الكافة عاجزين أمام موتها؟ ولماذا لم يستطع والده، الرجل القوي، أن ينقذها؟ حتى تحولت رغبته في المعرفة إلى محاولة للثأر والانتقام من الموت نفسه، والقول للعالم: «أقدر على ما لم يقدر عليه أبي، كان يمكن إنقاذ أمي لو كنت أقوى». كان مشروعه العلمي تجربة يائسة لاستعادة حضن غاب، ...