المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2025

فاروق الدسوقي يكتب: وحش فرانكنشتاين يعيش بيننا

صورة
قد تندهش عند قراءة عنوان هذا المقال، وتعتبره مبالغة وتهويل، لكن الحقيقة التي أؤمن بها أن الوحش الذي تخيلته الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي قبل أكثر من قرنين في روايتها فرانكنشتاين، لم يبق أسير القصة، لأننا نلتقيه في حياتنا بشكل يومي، لا بوجهه المرعب أو جسده المرقع من الجثث، إنما بأجساد ووجوه أخرى أشد خطورة . عندما فتحت العمل الأدبي، لم أقرأ عن حكاية شاب طموح يتلاعب بالعلم ليخلق مسخا من أشلاء الموتى فحسب، لكن وجدت أثرا لطفولة جرحت ولم تشف، وإنسانا حمل في باطنه حزنا قديما ظل ينمو في الخفاء حتى صار شخصا مفترسا . فقبل أن يكون فيكتور فرانكنشتاين، بطل الحدوتة، عالما كبيرا، كان طفلا رحلت أمه، قلب البيت وروحه، فجأة، فانهار شيء عميق داخله، أمرا لم يتمكن العلم ولا الزمن من إصلاحه . ومنذ تلك اللحظة تشكل لديه تساؤل لم يفارقه: لماذا وقف الكافة عاجزين أمام موتها؟ ولماذا لم يستطع والده، الرجل القوي، أن ينقذها؟ حتى تحولت رغبته في المعرفة إلى محاولة للثأر والانتقام من الموت نفسه، والقول للعالم: «أقدر على ما لم يقدر عليه أبي، كان يمكن إنقاذ أمي لو كنت أقوى». كان مشروعه العلمي تجربة يائسة لاستعادة حضن غاب، ...

فاروق الدسوقي يكتب: كل شيء يبدو كأنه حدث من قبل

صورة
يخبرني صديقي دائما إننا نعيش في زمن عشناه من قبل، لا يقول جملته كحكمة، أو ادعاء، إنما كمن يحاول أن يوقظني من نوم لا أعرف متى بدأ. ويضيف بسكون وثقة رجل رأى ما لا يحكى: «جرى فيه ما جرى.. ثم نمنا، وعندما استيقظنا، وجدنا أنفسنا في هذا العالم، إصدار معدل من دنيا نسيناها تماما». أضحك كلما روى ذلك، لكن شيئا في داخلي ينكمش، وكلما حاولت أن أفتح فمي لأعترض، أجد خاطرا يخرسني، كأن عبارة واحدة يمكنها أن تشق شرخا في جدار المنطق، وتسمح لأمر عتيق بالدخول، ك ظلك إن وقف خلفك، لا أمامك،  فالإنسان مهما ادعى الحجة، يعرف في أعماقه أن هناك ما يتجاوز الذكريات،   تلتقطه الروح، ثم يدركه العقل. أحيانا، نعبر شارعا، فنشعر أننا مشينا فيه، نسمع كلمة عابرة، فنهتز كما لو أننا ننصت لجزء ناقص من حديث معاد، نلتقي أشخاصا غرباء، فننجذب إليهم أو ننفر منهم من غير مبرر ظاهر، كأنما الفؤاد  يحتفظ بأرشيف لا يطلع عليه أحد. أفكر في كلامه وأنا أصعد إلى عيادة الطبيب في الطابق التاسع، تلك التي يصر «الأسانسير» أن يتعطل عندها ، حتى بدا لي أنه جزء من سيناريو محفوظ. تتوقف أبوابه بالطريقة و في اللحظة نفسها، فأضطر بعدها للنزو...