على الأسفلت.. عندما خذلنا «ابن الحلال»

تنويه: «هذا النص مستلهم من أحداث حقيقية، وأي تطابق مع الحياة مقصود تماما، فالواقع أحيانا يكتب القصص أفضل من الخيال». أحيانا لا تأتي دروس الحياة في قاعات الدراسة، وإنما على الأسفلت، في لحظة عطل بسيط قد يكشف معدن أنفسنا ومن حولنا. لم تكن العبرة عن السرقة ولا الثقة، لكن عن النقاء الذي يصر على البقاء رغم كل ما يحدث لنا، وفي كل مسار طويل، يأتي وقت تختبرنا فيه الحياة دون إنذار، امتحان صغير لشيء أكبر بكثير: إنسانيتنا. كم مرة صادف الإنسان غريبا يمد له يده؟ وكم مرة خذله من حاول أن يبدو ابن حلال؟ اليقين في هذا الزمن يشبه السير حافيا فوق الزجاج، مؤلم، لكنه الدرب الوحيد للحفاظ على ما تبقى من نقاء الفؤاد. وهذا ما حدث.. ذات يوم على مشارف المعادي. كان الطريق يمتد أمامه طويلا فوق أرض ساخنة تحت شمس حارقة، والمحرك يئن بتعب واضح كأنه يوشك أن يتوقف، ثم خذله بالفعل وتعطل. نزل من السيارة، والحرارة تخنق الهواء، ورائحة الحديد الساخن تملأ أنفه، رفع الغطاء فاكتشف العطل البسيط: نقص في ماء الريداتير. في دقائق، توقف سائق نقل، ثم آخر، وجاء ثالث يحمل زجاجة مياه كأنها نجدة من السماء، قال أحدهم بابتسامة مطمئن...